
في ظل التسريبات الإسرائيلية الأخيرة وتصاعد الجهود الدولية لإبرام صفقة لإنهاء الحرب في غزة، تبرز شخصية الملياردير الفلسطيني-الأميركي بشار المصري كأحد أبرز الأسماء المرشحة للعب دور محوري في مرحلة “ما بعد الحرب”. لكن قبول حركة حماس بهذا الدور يظلّ معلقاً على جملة من الاعتبارات السياسية والأمنية، خاصة في ضوء التفاصيل الجديدة التي تكشف عن عمق صلته بإدارة ترامب وإسرائيل.
طائرة عرفات.. الجسر السري بين ترامب وإسرائيل
تكشف وثائق طيران وبيانات صحفية إسرائيلية عن تفاصيل بالغة الحساسية:
- الطائرة ذات الرمز “OE-IYA”: وهي طائرة رجال الأعمال من طراز “تشالنجر 604” التي كانت مخصصة للرئيس الراحل ياسر عرفات، ثم انتقلت ملكيتها عام 2016 لشركة قبرصية مرتبطة بالمصري، وباتت ترابط في مطار “بن غوريون” بإذن إسرائيلي.
- آدم بولر على متنها: المبعوث الأميركي السابق لشؤون الأسرى استخدم الطائرة بشكل مكثف منذ انتخاب ترامب في تحركاته بين الدوحة والقاهرة وأنقرة وإسطنبول، بل وحتى في زيارته السرية إلى بغداد للضغط من أجل إطلاق سراح أسيرة إسرائيلية.
- زيارات مشتركة: المصري نفسه كان يرافق بولر في بعض هذه الرحلات، وفقاً لصحيفة “معاريف”، ما يؤكد دوره كوسيط غير رسمي في الملفات الحساسة.
المصري في دائرة ترامب: من “رجل الأعمال المحايد” إلى “مفاوض غزة”
رغم تصريحاته بأنه “ليس محسوباً على فصيل فلسطيني”، فإن سجله يكشف:
- علاقة عضوية بترامب: استضاف الرئيس الأميركي السابق في منتجعه الفاخر بفلوريدا، ووصفته دوائر مقربة من البيت الأبيض بأنه “الصديق الفلسطيني” لترامب.
- دور مثير للجدل في التطبيع: عام 2020، دافع عن اتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل، معتبراً إياها “أداة ضغط لوقف الاستيطان”، وهو ما قوبل بانتقادات فلسطينية ووصف بـ”الخيانة”.
- إمبراطورية عقارية ممتدة: يشرف على بناء مدينة روابي شمال رام الله، وله استثمارات في دول عربية، ما يجعله لاعباً اقتصادياً قادراً على تمويل إعمار غزة.
هل تقبل حماس بـ”رجل ترامب” في غزة؟
تضع الحركة عدة شروط لقبول أي طرف في معادلة “اليوم التالي”:
- الحياد السياسي: صلة المصري الوثيقة بترامب – الذي أقرّ “صفقة القرن” – تجعله شخصية “مشبوهة” لدى حماس، خاصة مع استخدام طائرته في مفاوضات تخدم الملف الإسرائيلي. وفي نفس الوقت فإن قرب المصري من بولر، الذي امتدح حماس ويسعى لتبني مواقف قريبة من مطالبها، قد يكون عاملاً مساعداً في قبولها لدور المصري.
- ضمانات ملموسة: قد تضطر الحركة للتعامل معه إذا قُدم دوره ضمن صفقة تشمل رفع الحصار وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين كبار.
- الشرعية الداخلية: أي محاولة لتهميش الفصائل الفلسطينية لصالح شخصيات خارجية ستواجه رفضاً شعبياً، كما حدث مع تصريحاته حول التطبيع.
سيناريوهات متوقعة
- الرفض القاطع: إذا رأت حماس أن دوره جزء من “صفقة سياسية” تكرس الهيمنة الإسرائيلية.
- القبول التكتيكي: في حال تم ربط مشاركته بتمويل إعمار غير مشروط، مع ضمان عدم تدخله في الترتيبات الأمنية.
- التفجير من الداخل: قد تتعامل معه كـ”ورقة ضغط” لانتزاع تنازلات أكبر، ثم تسحب البساط من تحته لاحقاً.
الخاتمة: لعبة المليارات والمخاطر
بينما يروج الإسرائيليون والأميركيون للمصري كـ”حل عملي” لإعادة إعمار غزة، تظل حماس حاجزاً رئيسياً. الطائرة التي حملت عرفات ثم بولر قد تكون رمزاً للمفارقة: هل ستُستخدم لبناء غزة الجديدة، أم ستتحول إلى أيقونة لـ”صفقة مُعلّبة” تُفرّغ القضية من مضمونها؟ الجواب قد يحدده مدى قدرة المصري على إقناع حماس بأنه “جسر للإغاثة” لا “حصان طروادة”.