
شهدت قمة بغداد العربية الأخيرة حدثًا سياسيًا لافتًا تمثّل في مشاركة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بصفته الزعيم الخليجي الوحيد الذي حضر القمة على مستوى القادة. إلا أن الغياب الأبرز لم يكن في عدد الزعماء، بل في عدم إلقاء أمير قطر كلمة بلاده خلال الجلسات الرسمية للقمة، رغم حضوره الفعلي وترؤسه وفدًا قطريًا كبيرًا. وقد لوحظ بالفعل مغادرته للقمة. شاهد الفيديو.
حضور بارز دون خطاب رسمي
وفق مصادر مقربة من الحكومة العراقية، فإن الأمير القطري لم يكن من المقرر أن يُلقي كلمة من الأساس، وهو اتفاق تكرر كما في قمة سابقة في البحرين. ومع ذلك، اعتُبر عدم تحدث أمير قطر أمام الزعماء حدثًا لافتًا أثار تساؤلات عدة حول أسبابه المحتملة.
الوفد القطري المشارك في القمة وُصف بأنه الأضخم بين جميع الوفود، حيث ضم طائرتين تقلّان مسؤولين رسميين وإعلاميين وأمنيين، إلى جانب الوفد المرافق للأمير شخصيًا. كما التقى الأمير بالرئيس العراقي محمد شياع السوداني قبل افتتاح القمة.
فرضيات وراء الصمت القطري
رغم عدم صدور توضيح رسمي، تداولت وسائل إعلام ومحللون سياسيون فرضيتين رئيسيتين لتفسير هذا التجاهل غير المعتاد من أمير قطر:
- فرضية أمنية: تشير إلى احتمال وجود تهديد أمني حال دون إلقاء الكلمة، خاصة في ضوء الحساسيات القديمة مثل قضية اختطاف الصيادين القطريين في العراق قبل سنوات. إلا أن مصادر عراقية تعتبر أن هذه الفرضية غير مرجحة نظرًا لتحسّن الأوضاع الأمنية ورغبة الفصائل العراقية في استقرار البلاد.
- فرضية بروتوكولية: وتُعد الأكثر تداولاً، حيث يُعتقد أن الأمير لم يكن راضيًا عن ترتيبه في قائمة المتحدثين، خاصة إذا تم إدراجه بعد شخصيات ليست على مستوى رؤساء الدول. ويرى مراقبون أن قطر تعتبر مكانة أميرها على رأس أولوياتها، ولا تقبل بترتيب يراها “دون المتوقع”.
إضافة إلى التفسير الذي قدمته مصادر مقربة من الحكومة العراقية وهو أن الكلمة لم تكن مقررة أصلاً.
قمة “باهتة” بعد عرس ترامب؟
جاءت قمة بغداد في ظل ظرف إقليمي حساس، تزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للمنطقة، والتي وصفتها بعض التحليلات بأنها “القمة الحقيقية” نظرًا لما حملته من اتفاقيات وترتيبات جديدة في المشهد العربي.
مقارنةً بذلك، بدت قمة بغداد محدودة التأثير، خاصة في ظل الغياب الجماعي لمعظم الزعماء العرب، ما دفع بعض المراقبين إلى وصفها بأنها “باهتة وضعيفة التمثيل” رغم حضور شخصيات سياسية رفيعة من دول عدة.
قطر وسياستها الإقليمية المستقلة
تعكس هذه الحادثة جانبًا من النهج السياسي المستقل الذي تتبعه قطر في المنطقة، وخاصة في ملف العلاقة مع إيران ومحورها الإقليمي. وتُعد علاقات الدوحة مع بغداد وطهران جزءًا من استراتيجية التوازن التي تعتمدها الدبلوماسية القطرية بعيدًا عن المحاور التقليدية في الخليج.
كما أن الصداقة مع إيران تعتبر خيارًا استراتيجيًا لقطر، وهو ما عبّر عنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال لقائه مع الأمير، حيث أشار إلى ضرورة الحفاظ على هذا التوازن وعدم التصعيد العسكري.