
بينما يقول النظام الأردني أنه يسير في طريق تحديثه السياسي، يتجدد الجدل حول مستقبل حزب جبهة العمل الإسلامي، وارتباطه التاريخي بـجماعة الإخوان المسلمين التي حُسم وضعها القانوني بقرار قضائي نهائي عام 2020. فهل تسلك الدولة الطريق ذاته مع الحزب؟ أم أن هناك فارقاً جوهرياً بين الكيانين؟
فصل قانوني أم مناورة سياسية؟
في تصريحات لافتة خلال أحد المنتديات الحوارية، أوضح رئيس الوزراء الأسبق العين سمير الرفاعي أن الحكومة تتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي كجهتين منفصلتين. “هما مختلفتان”، قالها الرفاعي، في إشارة إلى التفريق القانوني الذي تستند إليه الحكومة في موقفها.
ويضيف الرفاعي أن الحكومة نفذت قرارًا قضائيًا قطعياً صدر بحق جماعة الإخوان المسلمين عام 2020، مؤكداً أن الدولة التزمت فقط بما يفرضه القانون، دون أن يكون هناك استهداف سياسي مباشر.
لكن ماذا عن الحزب؟
لا مؤشرات على “الحل”… لكن الحذر قائم
الكاتب والوزير السابق د. محمد أبو رمان قدّم، في مقالة منشورة على مقع رؤيا، رؤية تحليلية متعمقة، أشار فيها إلى أنه لا توجد حتى الآن أية مؤشرات على وجود نية رسمية لحل حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يعتبر الحزب الأكبر في المعارضة الأردنية.
ومع ذلك، لا يخفي أبو رمان وجود أزمة حقيقية بين الحزب والدولة. فالعلاقة بين الطرفين تشهد توتراً ملحوظاً، يترافق مع تردد داخل الحزب بشأن كيفية التعامل مع الوضع الراهن، وهو ما يضعف صورته في المشهد السياسي.
الغياب يضعف المشروع الإصلاحي
يحذر أبو رمان من أن إقصاء الحزب أو تفريغ مقاعد المعارضة في البرلمان والمجال العام، يضرب مصداقية مشروع التحديث السياسي الذي تتبناه الدولة، ويجعل من الصعب الحديث عن عملية ديمقراطية حقيقية في ظل غياب تيارات تمثل شريحة واسعة من المجتمع.
وفي المقابل، يؤكد أن الحزب، كونه مرخصاً قانونياً، يخضع لأحكام قانون الأحزاب، ولا يمكن إسقاط وضعه القانوني إلا بقرار قضائي مبني على أدلة قطعية تُثبت تورطه المؤسسي في الإخلال بالأمن والاستقرار، وهو أمر غير قائم حتى الآن.
الحزب في مفترق طرق
الرسالة الأكثر وضوحاً التي وجهها أبو رمان للحزب، هي ضرورة أن يبادر إلى توضيح موقفه من مسألة حل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، وأن يضع حداً لحالة الغموض في مواقفه، خصوصاً فيما يتعلق بالتأكيد على الثوابت الوطنية، ورفض العنف والعمل المسلح بشكل قاطع وعلني.
خلاصة المشهد
في الوقت الراهن، لا يبدو أن حزب جبهة العمل الإسلامي في مرمى حلٍّ وشيك، لكنه يقف في منطقة رمادية بين بقاء قانوني مشروط، وتوجس سياسي لا تخطئه العين. الدولة من جهتها تراقب وتنتظر الوضوح، والحزب مطالب بأن يعيد ترتيب أوراقه، قبل أن يجد نفسه في عزلة سياسية قد لا يعود منها.