
واشنطن – في مشهد يبدو مأخوذاً من مسلسل خيال سياسي ساخر، تحوّل التحالف الاستثنائي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك إلى مواجهة مفتوحة، عنوانها الشتائم، التهديدات، و… البورصة!
فما بدأ كثنائي فريد يقود “إصلاح الدولة” و”غزو الفضاء” بات اليوم صراعاً محتدماً بين أقوى رجل في السياسة الأمريكية وأغنى رجل في العالم. فترامب هدّد بوقف مليارات الدولارات من العقود الحكومية التي تُبقي سبيس إكس على قيد الحياة، في حين رد ماسك بالتهديد بـ”فضح ترامب” والتلميح إلى ملفات إبستين، وكأن البلاد ينقصها المزيد من الفضائح!
ترامب يحسب المليارات… وماسك يحسب السنوات
كتب ترامب عبر “تروث سوشال”: “أسهل طريقة لتوفير المال؟ قطع الدعم عن ماسك!”، في إعلان صريح بأن عصر المجاملات انتهى. وفي اليوم نفسه، خسر سهم تيسلا 14٪، ما يثبت أن الحروب الرئاسية لم تعد تدار عبر الجيوش… بل عبر الأسواق المالية.
ماسك لم يتأخر. فبين تغريدة وأخرى على منصة “إكس”، هاجم ترامب ووصف سياساته بأنها “بشعة ومثيرة للاشمئزاز”. ثم دخل في تحدٍ فلسفي: “ترامب عنده ثلاث سنين ونص في الحكم، أما أنا، فعندي أربعين سنة قدّام!” – وكأننا أمام حملة رئاسية تمتد إلى عام 2065.
تحالف انتهى بحفل وداع… ثم حقد مباح
العلاقة التي بدأت بتعيين ماسك على رأس وزارة “كفاءة الحكومة” (DOG)، والتي كانت تسرّح الموظفين أسرع مما تُجمّد الميزانيات، انتهت الآن بعبارة من ترامب لا تليق إلا بالأصدقاء المنبوذين: “كانت علاقتي بإيلون رائعة” – بصيغة الماضي طبعاً.
لكن ما أثار النقمة بينهما على ما يبدو هو المال، أو بشكل أدق: الضرائب. ماسك لم يتحمل قانون ترامب الجديد، وهاجم التخفيضات الضريبية التي يراها “هدية للأغنياء الآخرين”، بينما يراها ترامب “جميلة وضخمة مثل الجدار الحدودي”.
ما القادم؟
بينما يتفرّج الديمقراطيون على هذه المسرحية المجانية، منقسمين بين من يريد تبنّي ماسك ومن لا يثق بـ”تحولاته المزاجية”، يبدو أن الجمهوريين أمام معضلة: كيف يمررون مشاريع ترامب، بينما أكبر داعم مالي وتقني سابق لهم يهدد بكشف الأسرار؟
المعركة قد تمتد إلى ساحات أكبر: مجلس النواب، البنتاغون، وربما… المريخ؟
في كل الأحوال، يبدو أن زمن التحالفات التكنولوجية-الشعبوية قد ولّى، وبدأ زمن المعارك الطاحنة بين “رئيس يلوّح بالفيتو” و”رائد فضاء يلوّح بالملفات”.