
ما يجري اليوم ليس خطأ عابراً، ولا ظرفاً إقليمياً أقوى من الأردن. ما نعيشه هو نتيجة مباشرة لاختيارات مدمرة اتخذها عبدالله الثاني، الحاكم الفعلي والمطلق لهذا البلد، والذي قرر منذ عقدين أن يربط مصير الأردن بمصالح الاحتلال، لا بإرادة شعبه.
لم يكن غياب الأردن عن مشهد القرار العربي والإقليمي صدفة، بل كان نتيجة سياسات الخضوع والتبعية التي تبناها عبدالله الثاني شخصياً.
في الوقت الذي كانت فيه المنطقة تشتعل وتُعاد صياغة معادلات القوة، كان النظام الأردني مشغولاً برضا تل أبيب وواشنطن، لا بصوت الشارع الأردني، ولا بمكانة الدولة في محيطها.
بدلاً من بناء موقف سيادي مستقل، اختار الملك أن يكون لاعب ظلّ في مشروع صهيوني لا يعترف لا بدور الأردن ولا بمصالحه.
فتحت عمان أبواب التنسيق الأمني، وسوّقت نفسها كجسر عبور، وتنازلت عن أوراقها الواحدة تلو الأخرى، باسم “السلام”، الذي تحول إلى ستار للتفريط.
إسرائيل لم تكتفِ بتجاهل الأردن، بل تحتقره.
بنَت الجدار الإلكتروني على حدوده دون استشارة، واستثنت عمّان تماماً من أي حساب سياسي يتعلق بالقدس أو الضفة، رغم ما تدّعيه من وصاية.
وفي المقابل، لم يحصل الأردني على شيء.
لا استعادة للكرامة، ولا حماية للهوية، ولا حتى احترام في المحافل الدولية.
ما حصلنا عليه هو نظام منهك، لا يرى إلا نفسه، يعيش على القمع الداخلي، ويرى في التطبيع صك غفران يبقيه في الحكم.
عبدالله الثاني اختار العزلة السياسية طواعية، وراهن على تحالفات كاذبة، واستبعد كل تيار وطني حقيقي يمكن أن يصون استقلال القرار الأردني.
وها نحن الآن ندفع الثمن: غياب عن القرار، فقدان للموقع، وانفجار قادم من الداخل، لا من الحدود.
لأن من يحكم لم يعد يملك شرعية إلا من الخارج، ولم يعد يُراهن إلا على الوقت، وعلى سكوت الناس، وعلى وهم أن هذا الشعب بلا ذاكرة.
لكن الأردنيين يتذكرون.
ويتأهبون.
والتاريخ لا يحمي أحداً.
JoPost جو بوست