
تحليل خاص – جُو بوست
بينما كان المشهد الإقليمي غارقًا في تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة، خرجت تسريبات نارية من العاصمة الأميركية عن لقاءات جمعت أعضاءً من الكونغرس الأميركي بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، تحدثوا فيها عن انفتاح سري محتمل من دمشق على التطبيع مع إسرائيل، والانضمام إلى ما يُعرف باتفاقيات إبراهام.
الشرط السوري: “نريد اتفاقاً… لا قصفاً ولا تقسيمًا”
النائب كوري ميلز والنائب مارتن ستوتزمان كشفا للصحافة الأميركية أن الشرع أبدى استعداده لبحث “اتفاق ما” مع إسرائيل، شريطة:
وقف القصف الإسرائيلي للأراضي السورية
وضع حد لتغذية الانقسامات الطائفية في البلاد
الوصول إلى صيغة تفاوضية بشأن هضبة الجولان
ضمان وحدة الأراضي السورية، ورفض أي مشروع لتقسيمها
ما زاد من جدية هذه التصريحات هو إعلان ترامب، خلال جولته في الشرق الأوسط، أن “الشرع الشاب الوسيم” سيوقع على اتفاقيات إبراهام، واضعًا بذلك النقاط على حروف كانت حتى وقت قريب محرمًا الحديث عنها في السياق السوري.
سوريا… من محور المقاومة إلى محور التطبيع؟
حديث الشرع عن طرد الإيرانيين وحزب الله من سوريا، والتقارب مع الخليج، يوحي بأننا أمام تحول استراتيجي في هوية سوريا السياسية والعقائدية. فدمشق التي كانت لسنوات تُقدَّم كجزء من “محور المقاومة”، تبدو الآن على أعتاب تحول كبير.
لكن… هل يمكن أن نصدق فعلاً أن النظام الجديد، الذي لم يُنتخب شعبيًا ولم يخرج من إرادة جماهيرية، يمكنه فرض قرارات بهذا الحجم؟ هل يُعاد تشكيل سوريا بصفقة فوقية، دون أن يكون للشعب أي رأي أو حضور في مآلاتها؟
مخاطر “الابتلاع الهادئ”…
الحديث عن “ترتيب ما” بشأن الجولان، دون اشتراط استعادتها صراحة، يفتح الباب أمام تسويات ناعمة تُشرعن الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية، تمامًا كما حدث في اتفاقيات سابقة. والرهان على أن إسرائيل ستكف عن قصف سوريا بعد التطبيع، يبدو ساذجًا حين نعلم أن إسرائيل لم تحترم حتى اتفاقيات السلام الكاملة مع الأردن أو مصر.
هل يُكتب مستقبل سوريا في تل أبيب وواشنطن؟
إذا صحّت هذه التسريبات، فإن سوريا، التي قاومت لعقود مشاريع الهيمنة، تتعرض الآن لمحاولة “تشكيل جديدة” من الخارج، بواجهة شابة ووعود براقة، لكنها قد تُفضي إلى تنازلات كارثية تمس سيادتها وكرامتها التاريخية.
ويبقى السؤال:
هل سيسمح السوريون بأن تُختزل تضحياتهم العظيمة في توقيع واحد على ورقة اتفاق؟
أم أن الوعي الشعبي سيكسر هذا المسار قبل اكتماله؟
المعركة القادمة ليست فقط على الجولان، بل على روح سوريا وهويتها… بل أبعد من ذلك: على روح وهوية القضية الفلسطينية، وعلى آخر ما تبقّى من الهوية العربية الحرة.
اتفاقيات_إبراهام
التطبيع_خيانة
جُو_بوست
JoPost جو بوست