
يواجه بنك الأردن، أحد أبرز الكيانات المصرفية في القطاع المالي الأردني، أزمة مالية وهيكلية عميقة تهدد استقراره وتنذر بتعثره المحتمل خلال المدى المتوسط (2026-2030). تكشف البيانات المالية من 2023 إلى الربع الأول من 2025، إلى جانب سلسلة من القرارات التشغيلية غير المدروسة وممارسات قانونية مثيرة للجدل، عن تدهور خطير في مؤشرات الأداء المالي، السيولة، جودة الأصول، وإدارة الموارد البشرية. يستند هذا التحليل الشامل إلى تقارير البنك المركزي الأردني، بيانات بورصة عمان، وممارسات البنك الموثقة، ليرسم صورة مقلقة لمؤسسة تعاني من تحديات داخلية وخارجية متشابكة. يبرز هذا الوضع بنك الأردن كنموذج تحذيري لمخاطر ضعف الحوكمة والتكيف البطيء مع متطلبات السوق في بيئة مصرفية تنافسية تتطلب مرونة استراتيجية وابتكارًا تكنولوجيًا.
ضغوط السيولة: اختلالات هيكلية ومخاطر متصاعدة
تكشف أوضاع السيولة في بنك الأردن عن هشاشة هيكلية كامنة تتستر خلف مؤشرات مالية تبدو مطمئنة للوهلة الأولى. في عام 2024، سجل نمو ودائع العملاء معدلًا متواضعًا بلغ 3.8%، ليصل إجمالي الودائع إلى 2.3 مليار دينار أردني، في حين تفوقت التسهيلات الائتمانية بنمو أعلى بلغ 4.6%. هذا الاختلال يعكس سياسة إقراض توسعية تحمل مخاطر كبيرة، خاصة في ظل غياب بيانات دقيقة حول نسبة القروض إلى الودائع (Loan-to-Deposit Ratio – LDR)، مما يثير تساؤلات جدية حول قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته قصيرة الأجل. لمواجهة هذه الضغوط، لجأ البنك إلى استراتيجية مكلفة تتمثل في رفع أسعار الفائدة على الودائع بشكل مفرط لجذب السيولة، وهي خطوة تكشف عن عجز واضح في توليد تدفقات نقدية داخلية مستدامة وتراجع ملحوظ في ثقة المودعين، وهي أحد العناصر الأساسية لاستقرار أي مؤسسة مصرفية.
على الرغم من تحقيق نسبة السيولة القانونية 151.1% ونسبة تغطية السيولة (Liquidity Coverage Ratio – LCR) 449.2%، فإن هذه الأرقام لا تعكس كفاءة تشغيلية حقيقية، بل تراكمًا مكلفًا للأصول السائلة، مما يزيد من الضغوط على الربحية. بلغ إجمالي الأصول 3.2 مليار دينار بنمو هامشي بلغ 4%، وهو معدل يعكس تباطؤًا في التوسع مقارنة بالبنوك المنافسة. غياب بيانات واضحة حول الأصول السائلة عالية الجودة (High-Quality Liquid Assets – HQLA) يكشف عن ضعف في إدارة السيولة، مما يجعل البنك عرضة لصدمات خارجية. تتفاقم هذه التحديات في ظل التوترات الجيوسياسية، مثل نزاع غزة، التي تزيد من الضغوط على الاقتصاد الأردني. أشار تقرير البنك الدولي لعام 2023 إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء يؤثر سلبًا على السيولة في القطاع المصرفي الأردني، مما يضع بنك الأردن في موقف هش أمام أي تصعيد في ظروف السوق أو تراجع إضافي في ثقة المودعين. هذه العوامل مجتمعة تشير إلى أن البنك قد يواجه أزمة سيولة خانقة إذا استمرت هذه الاختلالات دون معالجة جذرية.
تراجع الربحية: استنزاف مالي يهدد الاستدامة
تشهد ربحية بنك الأردن تدهورًا مقلقًا يهدد استدامته المالية على المدى الطويل. في عام 2024، انخفض صافي الربح إلى 35 مليون دينار أردني، بانخفاض حاد بلغ 20.5% مقارنة بعام 2023، مما أدى إلى تقلص العائد على الأصول (Return on Assets – ROA) إلى نسبة هزيلة بلغت 1.09%، مقارنة بـ 1.3% في العام السابق. هذه النسبة أقل بكثير من متوسط القطاع المصرفي الأردني قبل جائحة كوفيد، والذي تراوح بين 1.2% و1.5%. كما تراجع العائد على حقوق الملكية (Return on Equity – ROE) إلى 6.62% من 8.4%، ليصبح بعيدًا عن متوسط القطاع البالغ 10-12%. يعكس هذا الانخفاض استنزافًا ماليًا مدفوعًا بعدة عوامل، منها ارتفاع مخصصات المخاطر الائتمانية نتيجة جودة أصول متدهورة، وتكاليف تشغيلية مرتفعة ناتجة عن إدارة غير فعالة للموارد، إلى جانب قرارات توسع غير مدروسة في أسواق عالية المخاطر مثل العراق، حيث تزيد التوترات الجيوسياسية من احتمالية الخسائر.
انخفض هامش صافي الفائدة (Net Interest Margin – NIM) من 3.5% في 2023 إلى 3.2% في 2024، نتيجة ارتفاع تكاليف التمويل في بيئة تنافسية تتطلب تسعيرًا أكثر مرونة. يعتمد البنك بشكل مفرط على إيرادات الفوائد والعمولات، التي شكلت 94% من إجمالي الإيرادات (170 مليون دينار) في 2024، مما يكشف عن ضعف واضح في تنويع مصادر الدخل. هذا الاعتماد الثقيل يجعل البنك عرضة لتقلبات أسعار الفائدة وتغيرات في سلوك العملاء، خاصة في ظل ضعف الخدمات الرقمية التي أصبحت مطلبًا أساسيًا في السوق المصرفي الحديث. أشار تقرير البنك الدولي لعام 2023 إلى أن البنوك الأردنية، بما في ذلك بنك الأردن، تواجه تحديات جوهرية في تنويع مصادر الإيرادات نتيجة تباطؤ الابتكار وتأخر التحول الرقمي.
هذا الوضع يعزز الضغوط على الربحية، ويدفع البنك نحو تآكل تدريجي لرأس المال، مما يجعل استمراريته المالية موضع شك كبير في ظل التحديات الاقتصادية المستمرة.
مقارنة مع البنوك الأخرى: تأخر واضح في الأداء
عند مقارنة أداء بنك الأردن بالبنوك الأخرى في الأردن، يبرز تأخره الواضح. على سبيل المثال، أعلنت مجموعة بنك العربي، وهي أكبر بنوك الأردن، عن صافي أرباح بلغ 630.3 مليون دولار لأول تسعة أشهر من عام 2023، مما يعادل حوالي 840.4 مليون دولار على أساس سنوي. في المقابل، بلغ صافي ربح بنك الأردن لعام 2024 نحو 35 مليون دينار أردني (حوالي 49.35 مليون دولار بناءً على سعر الصرف الحالي). هذا التباين الكبير يعكس ضعفًا كبيرًا في قدرة بنك الأردن على تحقيق أرباح مقارنة بالمنافسين.
بالإضافة إلى ذلك، يتمتع بنك العرب بتصنيف ائتماني أعلى، مما يعكس قوة أكبر في الحوكمة والاستقرار المالي. في حين أن بنك الأردن يحمل تصنيفًا ائتمانيًا “BB-” من وكالة فيتش مع نظرة مستقرة، فإن هذا التصنيف يعكس مخاطر أعلى وضعفًا في القدرة على التنافس. هذا التباين في الأداء والتصنيف الائتماني يؤكد أن بنك الأردن يهوي بشكل واضح مقارنة بالبنوك الرئيسية الأخرى في السوق الأردني.
تراجع أسعار الأسهم: انعكاس لفقدان ثقة السوق
تعكس أسعار أسهم بنك الأردن في بورصة عمان بوضوح التدهور المالي والتشغيلي الذي يعانيه البنك. في عام 2023، شهد سعر السهم انخفاضًا بنسبة 3.48%، حيث تراجع من 2.30 دينار إلى 2.22 دينار. في 2024، تفاقمت التقلبات، إذ هبط السهم إلى أدنى مستوياته عند 2.12 دينار خلال مارس وأبريل، قبل أن يستقر عند 2.22 دينار بنهاية العام. في الربع الأول من 2025، استمرت الخسائر، حيث انخفض السهم إلى 2.10 دينار في أبريل، بانخفاض 5.41% عن نهاية 2024، قبل أن يشهد ارتفاعًا طفيفًا إلى 2.25 دينار بحلول 14 مايو 2025، مسجلاً إجمالي انخفاض بنسبة 2.17% من ديسمبر 2023. هذا التراجع المستمر يعكس فقدان ثقة المستثمرين، مدفوعًا بتدهور الأرباح، ضعف الأداء التشغيلي، والمخاوف المتزايدة من التبعات القانونية الناتجة عن ممارسات البنك المثيرة للجدل.
أكد تقرير وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في أكتوبر 2024 تصنيف البنك عند “BB-” مع نظرة مستقرة، لكنه حذر من أن استمرار التدهور في الأداء المالي قد يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني، مما يزيد من تكاليف التمويل ويفاقم ضغوط السيولة. هذا التحذير يعزز تصور السوق بأن البنك يسير على مسار محفوف بالمخاطر، مما يجعل أسهمه استثمارًا غير جذاب في بيئة اقتصادية تتسم بالتقلبات. إن هذا التراجع في أسعار الأسهم ليس مجرد انعكاس للأداء المالي الضعيف، بل هو مؤشر على فقدان الثقة الأوسع في قدرة البنك على مواجهة التحديات الهيكلية والتنافسية التي تحيط به.
تآكل كفاية رأس المال وجودة الأصول: مخاطر متفاقمة
تواجه كفاية رأس المال في بنك الأردن ضغوطًا متزايدة تهدد استقراره المالي. في عام 2024، بلغت نسبة كفاية رأس المال (Capital Adequacy Ratio – CAR) 20%، متجاوزة الحد الأدنى المطلوب بموجب بازل III (10.5%) ومتوسط القطاع المصرفي الأردني (16.6% في 2021). ومع ذلك، فإن هذه النسبة تواجه مخاطر التآكل نتيجة الخسائر المتراكمة من استثمارات محفوفة بالمخاطر في أسواق غير مستقرة، مثل العراق، حيث تزيد التوترات الجيوسياسية من المخاطر الائتمانية والتشغيلية. بلغت نسبة الرفع المالي التقديرية 16.5%، لكن استمرار تراجع الأرباح ينذر باستنزاف هذه القاعدة الرأسمالية، مما يحد من قدرة البنك على امتصاص الصدمات المالية المحتملة.
تظهر جودة الأصول هشاشة واضحة، مع نسبة قروض متعثرة (Non-Performing Loans – NPL) تقارب 5%، وهي مماثلة لمتوسط القطاع في 2023. أشار تقرير برنامج تقييم القطاع المالي (Financial Sector Assessment Program – FSAP) لعام 2023 إلى أن البنوك الأردنية، بما في ذلك بنك الأردن، تعاني من مخاطر ائتمانية مرتفعة نتيجة الضغوط الاقتصادية، مما يتطلب تخصيص مخصصات إضافية تستنزف الأرباح. غياب بيانات دقيقة حول تغطية القروض المتعثرة (NPL Coverage Ratio) يكشف عن ضعف في إدارة المخاطر الائتمانية، مما يعزز مخاطر التدهور المالي. هذا الوضع يجعل البنك عرضة لصدمات خارجية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة أو تباطؤ الاقتصاد الأردني، الذي سجل نموًا متواضعًا بنسبة 2.7% في 2023 وفقًا لتقرير البنك الدولي. إن هذه التحديات المرتبطة بجودة الأصول وكفاية رأس المال تضع البنك في موقف هش، حيث تتطلب أي هزة اقتصادية كبيرة تدخلات جذرية لتجنب التعثر.
ممارسات عمالية مثيرة للجدل: مخاطر قانونية وتنظيمية أين الجهات الرقابية!
تتفاقم التحديات التي يواجهها البنك بسبب سلسلة من الممارسات العمالية المثيرة للجدل، والتي تنتهك التشريعات العمالية الأردنية وتعرض البنك لمخاطر قانونية وتنظيمية كبيرة.
يتبع البنك سياسة تأخير صرف الزيادات السنوية بشكل متعمد حتى نهاية آذار بدلاً من كانون الثاني، مما يحرم الموظفين من احتساب هذه الزيادات في بيانات الضمان الاجتماعي للعام ذاته. هذا الانتهاك الصارخ للقوانين العمالية يعرض البنك لدعاوى قضائية وغرامات محتملة، مما يزيد من الضغوط المالية والسمعية. أين الجهات الرقابية!
في عامي 2015 و2016، أنهى البنك عقود جميع الموظفين التي كانت عقودهم تحتوي على مكافأة نهاية الخدمة واجبارهم على الاستقالة، ثم أعاد توظيف بعضهم بعد شهرين بعقود جديدة خالية من المزايا السابقة، بينما استغنى عن آخرين بشكل نهائي. هذه الممارسة التعسفية أثارت انتقادات واسعة حول التزام البنك بالمعايير القانونية والأخلاقية، وكشفت عن فوضى إدارية داخلية. أين الجهات الرقابية!
في عامي 2017 و2018، استهدف البنك فئة “المراسل”، وهي الفئة الأقل أجرًا، بتسريحات جماعية واجبارهم على الاستقالة، دون تقديم تعويضات كافية أو بدائل اجتماعية، وتم الاستغناء عن خدماتهم، مما أثار استياءً واسعًا بين الموظفين وزاد من التوترات الداخلية. هذه السياسات، إلى جانب غياب خطة إحلال مدروسة، أدت إلى تدهور حاد في الهيكل البشري للبنك. كما قام البنك بهيكلة العديد من الوظائف الداخلية واجبار الموظفين على الانتقال القسري او الاستقالة بالضغوط المتكررة عليهم، مما زاد من التوترات الداخلية بين الموظفين ولم يعد هناك امان وظيفي. تعاني الفروع حاليًا من نقص حاد في الموظفين، كما لوحظ في 2024، مما يعيق العمليات اليومية، ويزيد من الأخطاء التشغيلية، ويؤثر سلبًا على جودة الخدمة المقدمة للعملاء. هذه الممارسات لا تعكس فقط ضعفًا في إدارة الموارد البشرية، بل تضيف طبقة إضافية من المخاطر القانونية والتشغيلية التي تهدد استقرار البنك. أين الجهات الرقابية!
نزيف الكفاءات: تدهور القدرة التشغيلية أين الجهات الرقابية!
تشهد بيئة العمل في بنك الأردن تدهورًا كارثيًا ينعكس في تراجع الرضا الوظيفي وخسارة الكفاءات الأساسية. تعاني القوى العاملة من رواتب متدنية وزيادات سنوية محدودة مقارنة بالبنوك المنافسة، مما أدى إلى انخفاض حاد في الروح المعنوية وتزايد معدلات الاستقالة. فقد البنك موظفين رئيسيين، سواء عبر الاستقالات الطوعية أو الانتقال إلى مؤسسات مالية أخرى تقدم بيئات عمل أكثر جاذبية. هذا النزيف في الكفاءات أضعف جودة الخدمات المصرفية، وزاد من الأخطاء التشغيلية، مما أثر سلبًا على تجربة العملاء وساهم في خسارتهم لصالح منافسين. أين الجهات الرقابية!
سياسات تقليص الموظفين، التي شملت الضغط للاستقالة أو التقاعد المبكر دون وضع استراتيجية إحلال فعالة، أدت إلى تفاقم النقص في الموارد البشرية. في 2024، لوحظ أن العديد من الفروع تعمل بطاقم هزيل، مما أعاق القدرة على تلبية احتياجات العملاء بكفاءة. هذا التدهور في القدرة التشغيلية ليس مجرد تحدٍ داخلي، بل هو عامل رئيسي في تراجع الحصة السوقية للبنك، حيث يفضل العملاء التعامل مع بنوك تقدم خدمات أكثر سلاسة وكفاءة. إن هذا الوضع يعكس غياب رؤية استراتيجية لإدارة الموارد البشرية، مما يضعف قدرة البنك على المنافسة في سوق يتطلب الكفاءة والابتكار. أين الجهات الرقابية!
التراجع الهيكلي والتخلف الرقمي: عزلة تنافسية متفاقمة
يبرز التراجع الهيكلي في حضور بنك الأردن في السوق كأحد التحديات الجوهرية التي تعزز من أزمته. أدى إغلاق عدد من الفروع في عمان، مع خطط معلنة لإغلاق فروع إضافية خلال النصف الثاني من 2025 كجزء من استراتيجية تقليص التكاليف، إلى تقلص تدريجي في الحضور المادي للبنك. هذا الانخفاض أضعف بشكل كبير قاعدة العملاء التقليديين، الذين يعتمدون على الخدمات المصرفية التقليدية، مما تسبب في نزوح كبير نحو بنوك منافسة تقدم شبكة فروع أوسع وخدمات أكثر شمولاً. تفاقم هذا الوضع بسبب التأخر المزمن في التحول الرقمي، حيث عجز البنك عن تعويض خسارة الفروع بحلول رقمية تنافسية تلبي توقعات العملاء الحديثة.
أشار تقرير البنك الدولي لعام 2023 إلى أن القطاع المصرفي الأردني يعاني من تباطؤ ملحوظ في التحول الرقمي، مما يقلل من قدرة مؤسسات مثل بنك الأردن على المنافسة في سوق يتجه بسرعة نحو الرقمنة. ضعف المنتجات المصرفية المقدمة، إلى جانب تراجع جودة الخدمات الإلكترونية، على الرغم من محاولات الرقمنة في 2024، أدى إلى تآكل الحصة السوقية للبنك. على سبيل المثال، فإن تطبيقات البنك الإلكترونية تعاني من واجهات مستخدم غير مرنة وتأخيرات في معالجة المعاملات، مما يدفع العملاء، خاصة الشباب والشركات الصغيرة، إلى البحث عن بدائل أكثر كفاءة. هذا التخلف الرقمي، إلى جانب تقليص الحضور المادي، يعزز من عزلة البنك التنافسية، مما يجعله غير قادر على الاستجابة لديناميكيات السوق المتغيرة بسرعة.
قرارات إدارية غير مدروسة: مخاطر استراتيجية متزايدة
تعكس القرارات الإدارية غير المدروسة ضعفًا جوهريًا في التخطيط الاستراتيجي لبنك الأردن.
يتجلى ذلك في التوسع في أسواق عالية المخاطر مثل العراق، حيث تزيد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية من المخاطر الائتمانية والتشغيلية. هذه الخطوات، التي تفتقر إلى تقييم دقيق للمخاطر، أدت إلى خسائر مالية وتشغيلية أثقلت كاهل البنك. كما أن ضعف الحملات التسويقية في جذب ودائع أو عملاء جدد يكشف عن عجز واضح في فهم ديناميكيات السوق المحلية والإقليمية. في المقابل، شهد القطاع المصرفي الأردني نموًا في الأرباح بنسبة 21% في 2024، مما يبرز التفاوت الكبير بين أداء البنك ومنافسيه. هذا الضعف التنافسي يعزز من احتمالية التعثر، حيث يعجز البنك عن استغلال فرص النمو في السوق المحلي.
المخاطر القانونية والتنظيمية: تهديدات متصاعدة
تزيد الممارسات القانونية المثيرة للجدل من الضغوط التي يواجهها البنك. يعكس التصنيف الائتماني “BB-” من وكالة فيتش (أكتوبر 2024) التحديات الهيكلية والمالية التي يعاني منها البنك، مع تحذيرات صريحة من احتمال خفض التصنيف إذا استمر التدهور في الأداء. مثل هذا الخفض سيرفع تكاليف التمويل بشكل كبير، مما يفاقم ضغوط السيولة ويحد من قدرة البنك على المنافسة. إضافة إلى ذلك، فإن الممارسات العمالية المثيرة للجدل، مثل تأخير الزيادات السنوية والتسريحات التعسفية، تعرض البنك لدعاوى قضائية وغرامات محتملة، مما يزيد من الضغوط المالية ويؤثر سلبًا على سمعته. هذه المخاطر القانونية والتنظيمية، إلى جانب ضعف الحوكمة المؤسسية، تجعل البنك عرضة لخسائر إضافية قد تهدد استقراره على المدى الطويل.
توقعات قاتمة: مسار محفوف بالمخاطر
في المدى القصير (2025)، قد يتمكن بنك الأردن من الحفاظ على استقرار مؤقت بفضل مستويات السيولة الحالية وكفاية رأس المال. ومع ذلك، على المدى المتوسط (2026-2030)، يتزايد احتمال التعثر بشكل كبير نتيجة تآكل الأرباح، هشاشة السيولة، المخاطر القانونية، وضعف التكيف مع متطلبات السوق. أكد تقرير برنامج تقييم القطاع المالي (FSAP) لعام 2023 أن البنوك الأردنية تواجه تحديات كبيرة في إدارة المخاطر الائتمانية والسيولة، مما يضع بنك الأردن، بتحدياته الهيكلية، في موقف هش بشكل خاص. إن استمرار السياسات غير الفعالة والممارسات القانونية المثيرة للجدل يجعل البنك نموذجًا تحذيريًا لمخاطر ضعف الإدارة والحوكمة في القطاع المصرفي، مما يتطلب تدخلات عاجلة لتجنب الانهيار.
الاستشهادات
- Fitch Affirms Bank of Jordan at BB-, Stable Outlook
- Bank of Jordan Stock Price and News
- Bank of Jordan Historical Stock Data
- Jordan: Financial Sector Assessment Program-Financial System Stability Assessment
- Jordan Economic Monitor
- Testimonials from current management staff