
JoPost جو بوست
في الوقت الذي تُباد فيه غزة تحت الأنقاض، وتُقصف رفح أمام أعين العالم، ويمتد مشروع التهجير الممنهج من جنوب القطاع إلى عمق الضفة الغربية، تتحرك إسرائيل بخطى ثابتة نحو تنفيذ مشروعها الأخطر: تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، وتأسيس الرديف الجغرافي لدولتها الاحتلالية على أنقاض ما تبقى من الحق العربي.
لكن الأخطر من ذلك؟ صمت النظام الأردني، وسكونه المريب، وكأنّ النار التي تحرق الجيران لا تهدد سقفه الخشبي.
الجدار الجديد في غور الأردن
في واحدة من أخطر المؤشرات الأخيرة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن نيّته بناء جدار أمني جديد في منطقة غور الأردن، بحجة منع عمليات التسلل والتهريب. لكن كل خبير استراتيجي يدرك أن هذا الجدار ليس دفاعيًا فقط، بل يمثّل ترسيخًا لخط حدودي جديد يفصل “إسرائيل الكبرى” عن شرق النهر.
هل علّق النظام الأردني رسميًا؟ لا.
هل احتجت الخارجية الأردنية؟ لا.
هل تم عقد اجتماع طارئ في البرلمان؟ بالطبع لا.
نام القصر… واستيقظ الاستيطان.
عسكرة الحدود مع الأردن
في الأشهر الماضية، كثّفت إسرائيل وجودها العسكري على طول الحدود مع الأردن، ونشرت قوات وأسلحة وطائرات مسيرة في محيط الأغوار. الصحافة العبرية نفسها تحدّثت عن خطط لـ”ضمان تفوّق جوي” في مواجهة محتملة، في حال تغيّر الموقف الأردني.
أين الرد الأردني؟
في تصريحات باهتة عن “رفض التهجير” بدون أي إجراء فعلي. رفض بالكلام، وقبول بالصمت.
من غزة إلى الضفة… إلى الأردن
ما يجري ليس مجرد تطهير عرقي في غزة، بل تمهيدٌ جغرافي ونفسي وإعلامي لخطة تهجير كبرى من الضفة الغربية إلى الأردن. مستوطنات جديدة تُعلن كل أسبوع، مناطق “ج” تُقضم، والسيطرة الإسرائيلية تمتد حتى الأغوار.
في المقابل، لا نسمع من الأردن إلا تعابير فارغة من قبيل “نقف مع فلسطين”، و”الملك تحدّث بشجاعة في واشنطن”، بينما المشروع الصهيوني يُنفذ على بُعد كيلومترات من القصور الملكية.
النظام يعرف… ويُساير
دعونا نكن صريحين: النظام الأردني ليس غافلاً. هو يعلم، ويشاهد، ويشارك بالصمت.
لديه كل أدوات الرد:
فتح ملف حق العودة للاجئين.
التهديد الحقيقي بسحب الاعتراف.
وقف التنسيق الأمني غير المباشر مع الاحتلال.
دعم الانتفاضة الفلسطينية بدل قمع أي تضامن داخل الأردن.
لكنه لا يفعل، لأنه ببساطة رهينة المعادلات الدولية، ومرتبط بتحالفات أمنية واقتصادية لا تتيح له الخروج من العباءة الأمريكية-الإسرائيلية.
الختام: لسنا درعًا بشريًا
كفى عبثًا. الأردنيون ليسوا حاجزًا بشريًا أمام المشروع الصهيوني.
إذا ظن النظام أن بإمكانه كسب الشرعية الدولية مقابل الصمت، فعليه أن يدرك أن الشرعية لا تُبنى على أنقاض وطن ولا على ظهور شعب.
أما إذا استمر هذا التواطؤ المفضوح، فالتاريخ سيسجل:
حين وقفت غزة وحدها، وتمدّد الاستيطان نحو الأغوار، كان القصر الملكي نائمًا… في العسل.