
في مشهد يُعيد تعريف العدالة، أصدرت محكمة الجنايات الكبرى حكمًا بتغريم شركة لحوم ضبط بحوزتها 25 ألف كيلوغرام من اللحوم الفاسدة مبلغًا خياليًا وصل إلى 200 دينار أردني فقط، أي ما يعادل 0.008 دينارًا للكيلوغرام الواحد من التسمم الجماعي المحتمل. كما شملت الأحكام تعويضًا بمبلغ 3 آلاف دينار و”براءة للمتهم الثاني لأنه شكله كان بس واقف جنب اللحمة”.
وفي المقابل، لا تزال كلمات منشورة على فيسبوك كفيلة بإرسال مواطنين إلى غياهب السجون أو تحميلهم غرامات تفوق أحيانًا سعر شقة في عمان الغربية، فقد حُكم على الناشط كميل الزعبي بغرامة 5000 دينار بسبب رأي أبداه على صفحته، بينما وجد الفقراني علي الطراونة (75 عامًا) نفسه خلف القضبان بتهمة “الكتابة بعد التقاعد”، أما أحمد طبنجة الكناني فقد نال جائزة “أسير الكلمة” بعد أن بلغت غرامته أيضًا 5000 دينار، دون أن يُسجّل بحقه أي نشاط في تهريب اللحوم.
ويبدو أن النظام القضائي يعيد تشكيل منظومة الأولويات الوطنية:
🟢 الغش في اللحوم؟ جناية بسيطة تكلف أقل من اشتراك نتفليكس.
🔴 التعبير عن الرأي؟ جريمة إلكترونية كبرى تهدد الأمن الغذائي… عفوًا، الأمن الوطني.
تحليل استراتيجي:
– إن كنت تاجرًا للحوم فاسدة: اطمئن، عقوبتك خفيفة وقد تحصل على تعويض لو عبّرت عن ندمك.
– إن كنت مواطنًا تكتب على فيسبوك: احذر، رأيك قد يُصنَّف ضمن “الأسلحة غير التقليدية”.
– أما إن كنت ناشطاً فإن نصيحتنا لك هي أن تجارة اللحوم الفاسدة أرخص من ناحية الغرامات!
وختامًا، نترككم مع هذه الحكمة القضائية المستوحاة من الواقع الأردني:
“في المملكة الهامشية، اللحوم تنتهي صلاحيتها، لكن الغرامات على الرأي لا تنتهي أبدًا.”