
يعرض فيديو اليوتيوبر عبدالرحمن عمر على قناة “شباك” تحليلاً معمقًا لموقف مصر من الصراع المتنامي بين إيران وإسرائيل، مستعرضًا السياق التاريخي لهذه العلاقات وتداعيات أي حرب محتملة على القاهرة.
الخلفية التاريخية: من نكسة 1967 إلى حلم عبد الناصر يبدأ الفيديو بالتذكير بالهجوم الإسرائيلي المفاجئ على المطارات والقواعد العسكرية المصرية في صباح يوم الاثنين الموافق 5 يونيو 1967، والذي دمر 85% من سلاح الجو المصري في ساعات قليلة، حيث دمرت 200 طائرة مصرية على الأرض، وشُل سلاح الجو بالكامل. تزامن هذا مع تقدم القوات البرية الإسرائيلية في سيناء، مما أدى إلى أوامر انسحاب عشوائي من عبد الحكيم عامر، تسبب في استشهاد وأسر آلاف الجنود واحتلال سيناء. اعترف الرئيس جمال عبد الناصر بالهزيمة في 9 يونيو، معلنًا التنحي. وقد أطلق الإسرائيليون على هذه الحرب “حرب الأيام الستة”، بينما أطلق عليها الصحفي محمد حسنين هيكل “النكسة” للتقليل من أثر الهزيمة.
كان مشروع عبد الناصر يقوم على فكرة أن الشعوب العربية أمة واحدة قسّمها الاستعمار، وأن مصر هي قلب العالم العربي وعليها واجب قيادته للنهوض. تبنى مشروعه فكرة التحرر من الاستعمار ورفض الاعتراف بإسرائيل، معتبرًا إياها مشروعًا استعماريًا يهدد مصر والمنطقة، ودعا إلى “معركة صفرية” ضدها وشعار “لا سلام ولا تفاوض”. لكن نكسة 1967 وجهت ضربة قاضية لمشروعه، ونتج عنها تطبيع مصر مع إسرائيل وانضمامها للمعسكر الأمريكي.
سيناريو الحرب الافتراضية بين إيران وإسرائيل يتوقع الفيديو سيناريو لحرب مستقبلية بين إسرائيل وإيران، تبدأ بهجوم إسرائيلي مفاجئ في فجر 13 يونيو 2025 (تاريخ افتراضي) على منشآت نووية وقيادات عسكرية إيرانية في طهران وأصفهان، في عملية أُطلق عليها اسم “الأسد الصاعد”. أسفر الهجوم عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين، واستهداف مواقع نووية مهمة مثل مفاعل نطنز وأصفهان، بالإضافة إلى مستودعات أسلحة وورش تصنيع صواريخ تابعة للحرس الثوري. كان الهدف الإسرائيلي هو تقويض قدرات إيران العسكرية والنووية وإضعاف قدرتها على الرد.
في اليوم التالي، ردت إيران بـ “قصف عنيف” على إسرائيل عبر عملية “الوعد الصادق 3″، بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، مستهدفة عشرات القواعد والبنى التحتية العسكرية. ورغم محاولات تل أبيب إخفاء الأضرار، إلا أن مشاهد الدمار وتوقف الحياة شبه الكامل في تل أبيب أكدت تحقيق إيران لبعض أهدافها، كالتأكيد على قدرتها على ضرب العمق الإسرائيلي واستعادة معادلة الردع.
سيناريوهات مستقبلية ومخاطر إقليمية يشير الفيديو إلى أن الأيام القادمة مفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك تورط الولايات المتحدة في الحرب حال استهداف قواعدها، أو تحت ضغط اللوبي الصهيوني. ومن الوارد أن تجد دول الخليج نفسها وسط المعركة، خاصة إذا فشلت إيران في تحقيق أهدافها داخل إسرائيل. ولفت الفيديو إلى امتلاك إيران 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، مما يعني أنها “على بعد خطوة واحدة من صنع 10 قنابل نووية”. ويؤكد الفيديو أن المنشآت النووية الإيرانية السرية والمحمية بعمق تتطلب مشاركة أمريكية مباشرة لاستهدافها بقاذفات وقنابل خارقة للتحصينات. أما أسوأ السيناريوهات فهو انهيار النظام الإيراني، مما سيفتح الباب لحالة من الفوضى في بلد يسكنه أكثر من 90 مليون نسمة، والأخطر أنه سينصب إسرائيل قوة مهيمنة في الشرق الأوسط.
علاقات مصر وإيران: تاريخ من المفارقات والتقلبات استعرض الفيديو تاريخ العلاقات المصرية الإيرانية، واصفًا إياها بـ “مليئة بالمفارقات”. بدأت العلاقة بالمصاهرة بين العائلتين الملكيتين عام 1942. ثم شهدت توترًا سياسيًا مع صعود جمال عبد الناصر، حيث اختلف النهج الثوري المصري المعادي للاستعمار مع تحالف شاه إيران القوي مع الأمريكيين. قطعت مصر علاقاتها الدبلوماسية مع طهران عام 1960 بعد اعتراف إيران بإسرائيل.
مع صعود السادات، تحسنت العلاقات، وأقام علاقة قوية مع الشاه. لكن التوتر عاد في 1979 بعد الثورة الإيرانية، واستضاف السادات الشاه كلاجئ سياسي في مصر، مما أثار غضب الثوار الإيرانيين. وفي نفس العام، توقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد أدى إلى قطع إيران علاقاتها الدبلوماسية مع القاهرة. استمر التوتر في عهد مبارك، خاصة مع دعم مصر للعراق في الحرب العراقية الإيرانية.
شهدت العلاقات تحسنًا تدريجيًا بعد عام 1991. ومع ثورة يناير 2011، دخلت مرحلة جديدة، ورغم الزيارات المتبادلة بين مرسي وأحمدي نجاد عام 2012، إلا أن العلاقات توترت مرة أخرى عام 2013 عندما أدانت إيران انقلاب السيسي على مرسي. واستمرت القطيعة لمدة 10 سنوات حتى 2023، عندما التقى السيسي والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وشهدت نهاية 2024 استضافة مصر للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. وتشير محاولات التقارب الأخيرة إلى غضب السيسي من سعي ترامب وحلفائه في الخليج لتهميش مصر.
موقف مصر الرسمي وتأثير الحرب على الداخل أدان بيان رسمي لوزارة الخارجية المصرية الهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتبرته “تصعيدًا بالغ الخطورة” و “تهديدًا لأمن المنطقة”، مؤكدًا أن “غطرسة القوة لن توفر الأمن الإسرائيلي”. ومع ذلك، يرى الفيديو أن هذا الموقف “مجرد تسجيل موقف” ولا تأثير له على مسار الصراع. ويشير إلى أن القاهرة ترى إسرائيل كـ “حليف متوتر” وإيران كـ “خصم” مع فرصة تاريخية لتطوير العلاقات.
وأكد الفيديو أن تأثير هذه الحرب على مصر يمكن أن يكون كارثيًا من الناحية السياسية والاقتصادية. فسياسيًا، يزيد ترسيخ نفوذ تل أبيب في المنطقة من خوف القاهرة من الصدام مع إسرائيل. أما اقتصاديًا، فقد أعلنت إسرائيل وقف إمدادات الغاز لمصر خوفًا من استهداف حقولها، مما دفع الحكومة المصرية لإعلان خطة طوارئ تؤثر على مصانع الأسمدة ومحطات الكهرباء. كما توقع الفيديو ارتفاعًا قياسيًا في أسعار النفط، وتأثر عائدات قناة السويس سلبًا حال زيادة نشاط الحوثيين في باب المندب أو وصول القتال إلى منطقة الخليج. ويضاف إلى ذلك الخطر الأمني المباشر من سقوط أي صاروخ بالخطأ على الأراضي المصرية، مما يهدد قطاعات حيوية مثل السياحة والاستثمار.
يختتم الفيديو بالإشارة إلى أن مشاهد الدمار والقصف في إسرائيل لا تُقارن بما حدث في غزة على مدار عام ونصف، معربًا عن سعادته بهذه المشاهد وفرحة أهل غزة بها، متمنيًا زوال الاحتلال الإسرائيلي وبقاء الشعب الفلسطيني حرًا صامدًا.